للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثم تعقبة السبكي بنحو ما سبق من تعقب الحافظ لابن طاهر، لكنه دافع بوازع من التعصب المذهبي، لا فائدة كُبْرى من نقل كلامه وبيان ما فيه من التعصب، فحسبك أن تعلم أنه ذكر أن الحديث رواه أبو داود والترمذي، والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ "الصحاح" عليها.

* فكأن السبكي يقول: فللإمام أسوة بهؤلاء الفقهاء في هذا الإطلاق!

* فيقال له: أو لو كان ذلك أمرًا منكرًا عند العلماء بالحديث؟! وفي الوقت نفسه فقد تجاهل السبكي قولي الإِمام في الحديث "متفق على صحته"! فإنه خطأ محض لا سبيل إلى تبريره أو الدفاع عنه بوجه من الوجوه، ولذلك لم يدندن السبكي حوله ولو بكلمة. ولكنه كان منصفًا حين اعترف بضعف الحديث، وأن الإِمام صحح غيره من الأحاديث الضعيفة، فقال: "وما هذا الحديث وحده ادّعى الإِمام صحته وليس بصحيح، بل قد ادعى ذلك في أحاديث غيره، ولم يوجب ذلك عندنا الغض منه".

* وأقول أخيرًا إن وصف الرجل بما فيه ليس من الغض منه في شيء، بل ذلك من باب النصح للمسلمين.

* وبسبب تجاهل هذه الحقيقة صار عامَّةُ المسلمين لا يفرقون بين الفقيه والمحدث فيتوهمون أن كل فقيه محدث ويستغربون أشد الاستغراب حين يقال. لهم الحديث الفلاني ضعيف عند المحدثين وإن احتج به الفقهاء، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا، وحسبك الآن هذا الحديث الذي بين يديك.

* وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده لإرساله، وجهالة راويه الحارث ابن عَمرو، فمن كان عنده من المعرفة بهذا العلم الشريف، وتبين له ذلك فَبِهَا، وإلا فحسبه أن يستحضر أسماء الأئمة الذين صرحوا بتضعيفه، فيزول الشكُّ من

<<  <  ج: ص:  >  >>