عن ابنِ عُمَرَ، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يَحلِبَنَّ أحدُكُم مَاشِيَةَ أخيه بغَيرِ إِذنِهِ، أَيُحِبُّ أحدُكُم أن تُؤتَي مَشرَبَتُهُ، فتُكسَرَ، فينتَقِلُ متاعُهُ؟ ". وقد رُوِي حديثٌ لا يَثبُتُ مثلُهُ:"إذا دَخَلَ أحدُكُم الحائطَ، فليَأكُل ولا يَتَّخِذْ خُبنَةً".-قال الشَّافعيُّ:- وما لا يَثبُتُ لا حُجَّةَ فيه. ولَبَنُ الماشية أولَى أن يكُونَ مُباحًا. فإن لم يَثبُت هكذا من ثَمَرِ الحائط, لأنَّ ذلك اللَّبنَ يُستخلَفُ في كلِّ يومٍ، والذي يَعرِفُ النَّاسُ أنَّهُم يبذُلُون منه ويُوجِبُون مِن بَذلِهِ ما لا يَبذُلُون من الثَّمَر، ولو ثَبتَ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قلنَا به، ولم نُخالِفُه".
٨ - وفي كتاب "البُيُوع" (١٤/ ١٤١ - ١٤٢): قال: نا الرَّبيعُ: قلتُ للشَّافعيِّ -رَحِمَةُ الله عليه-: إنَّ عليَّ بنَ مَعبَدٍ رَوَى لنا حديثًا عن أنسٍ، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجازَ بَيعَ القَمحِ في سُنبُلِه إذا ابيَضَّ. فقال الشَّافعيُّ: "إنْ ثَبَتَ الحديثُ قلنا به، فكان الخَاصُّ مُستخرَجًا من العَامِّ؛ لأنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عن بَيع الغَرَرِ، وَييعُ القَمحِ في سُنبُلِه غَرَرٌ؛ لأنَّهُ لا يُرَى، وكذلك بَيعُ الدارِ والأساسُ لا يُرَى، وكذلك بَيعُ الصُّبرَةِ بعضُهَا فوق بعضٍ، أَجَزنَا ذلك كما أجازَهُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فكان هذا خاصًّا مُستَخرَجًا من عامٍّ، وكذلك نُجِيزُ بيعَ القَمحِ في سُنبُله إذا ابيضَّ، إن ثَبَتَ الحديثُ، كما أجَزنا بَيعَ الدَّار والصُّبرَةِ".
٩ - وفي كتاب " البُيُوع" أيضًا (٤/ ١٦٩): قال الشَّافعيُّ: "ولا بأسَ بالسَّلَف في الحَيَوان كُلِّه: في الرَّقيق، والماشية، والطَّيرِ, إذا كان تُضبَطُ صفَتُهُ، ولا يَختَلِفُ في الحين الذي يَحِلُّ فيه، وسواءٌ كان ممَّا يُستَحيَا، أو ممَّا لا يُستَحيَا، فإذا حلَّ من هذا شيءٌ، وهو من أيّ شيءٍ ابتيع، لم يُجِز لصاحبِهِ أن يَبِيعَهُ قبل أن يَقبِضَهُ، ولا يَصرِفَهُ إلى غيره، ولكنَّه لا يجُوزُ له أن يُقِيلَ من أصل البَيعِ، ويأخذَ الثَّمَن. ولا يجُوزُ أن يبيع الرَّجلُ الشَّاة وَيَستَثنِي شيئًا منها، جلدًا ولا غيرَهُ، في