للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد متعصبة الحنفية المعاصرين، فقال في مقدمته لكتاب "مشكل الآثار" للطحاوي (ص ٥٨ - ٦٠) كلامًا خلاصته أن شيخ الإسلام تجنى على الطحاوي، وحكمه عليه تعوزه الدقة، واحتج بأنه ما من حافظ من الحفاظ إلا أخذ عليه مأخذ أو أكثر، فليس معنى أن الطحاوي أخطأ في حكمه على هذا الحديث أننا نخرجه عن دائرة النقاد المتقنين، ثم نقل عن ابن السبكي كلامًا في مقدمة "طبقات الشافعية", خلاصته: أن من اشتهرت عدالته فالجرح غير مقبول في حقه.

* ثم قال هذا المتعصب: فجرح ابن تيمية للطحاوي بغير دليل لا يؤثر فيه. وهذا من قلب الكلام فإنَّ ابن تيمية لم يجرح الطحاوي، وإنما أثنى عليه بأنه كثير الحديث وفقيه وعالم، ولكن لا تلازم بين هذه النعوت وبين النقد الحديثي، ثم ابن تيمية لم ينف أن يكون الطحاوي ناقدًا بالكلية، بل كلامه يقتضي أن له معرفة، ولكن ليست كمعرفة أهل العلم بالحديث المختصين به كالدارقطني وأمثاله، وهذا حقٌّ لا يكابرُ فيه إلا غير منصف، وهذه كتب الرجال تملأ الأرض، أرونا فيها من نقل عن الطحاوي كلامه في الرجال مع أنه موجود في كتبه، وهؤلاء العلماء من الحنفية وغيرهم الذين صنفوا في علل الحديث واختلاف الراوة في الأسانيد أرونا مَنْ منهم نقل تعليل الطحاوي للأحاديث وعوَّل عليه مع أنه يذكر ذلك في كتبه لا سيما "شرح المعاني" وإنما لم يعولوا عليه لا لأنه ليس عنده علم، ولكن لكونه ليس من أرباب هذا الفن، فاكتفوا بالنقل عنهم، وذلك أمر لا يُعاب به الطحاوي قط ولا يغض من شأنه، وهو عندنا الإمام الثبت الثقة، كما أنه لا يُعاب ابن معين والدارقطنيِ وابن عديّ أن أقوالهم في الفقه لم تدون في كتب الفقه، وليس معنى هذا أنهم لا يعرفون الفقه

<<  <  ج: ص:  >  >>