للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسؤالي: هل ما قاله الفخر صحيح مع أنني أعلمُ أن الحديث صحيح وهو في البخاري على ما أذكر؟

* والجواب بحول الملك الوهاب: فاعلم أيها السائل (١) -أيدك الله- أن الجواب من وجوه:

* الوجه الأول: أنه من المتفق عليه عند سائر العقلاء أنه يُرجع في كلام كل علم إلى أهله، ويُقضَى لهم على غيرهم، فيُقضى للمحدثين في الكلام على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا، ويُقضى للفقهاء في الفقه، وللنحاة في النحو هكذا فإذا علمنا ذلك، فينبغي أن لا يقبل كلام الفخر الرازي في الحكم على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا, لأنه مزجى البضاعة في الحديث، تام الفقر في هذا الباب، وقد قضى الرجل حياته في محاربة السُّنَّة (٢)، ووضع الأصول الفاسدة لردها، وقد اعترف في آخر حياته بندمه على عمره الذي أنفقه في هذا الخطل. قال الذهبيُّ في "سير النبلاء" (٢١/ ٥٠١): وقد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم، وسحر وانحرافات عن السُّنة، والله يعفو عنه، فإنه توفي على طريقة حميدة والله يتولى السرائر.

* الوجه الثاني: أن الحديث صحيح لا ريب فيه وقد ورد عن أبي هريرة وأنس ابن مالك وأبي سعيد الخدري وغيرهم. . .

* الوجه الثالث: أن العلماء الذين مرَّ عليهم هذا الحديث قبل أن يخلق الفخر الرازي فسروه تفسيرًا مستقيمًا, ولم ينصبوا التعارض فيه بين صدق إبراهيم -عليه السلام- وصدق الرواة.

فقال الحافظُ في الفتح (٦/ ٣٩٢): "قال ابنُ عقيل: دلالة العقل تصرف ظاهر


(١) (في الأصل: السائلك!).
(٢) (في الأصل: السحت!).

<<  <  ج: ص:  >  >>