للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إطلاق الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقًا به، ليعلم صدق ما جاء به عن الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، وإنما أطلق ذلك عليه لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر من إبراهيم -عليه السلام- إلا في حال شدة الخوف لعلوِّ مقامه، وإلا فالكذب المحضُ في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعًا لأعظمهما، وإما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذمُّ، فإن الكذب وإن كان قبيحًا مخلا لكنه قد يحسن في مواضع، وهذا منها". انتهى. وهذا ما يسمى عند العلماء بالمعاريض وهي مباحة.

وقد حاول الفخر الرازي عند تفسيره لقوله تعالى: (بل فعله كبيرهم هذا) أن يتخلص من دلالة الآية على معنى التعريض بوجوه ضعيفة، وقد قال (٢٢/ ١٨٦) وهو يذكر هذه الكذبات: وإذا أمكن حمل الكلام على ظاهره من غير نسبة الكذب إلى الأنبياء عليهم السلام فحينئذ لا يحكم بنسبة الكذب إليهم إلا زنديق. انتهى.

ونحن نقول له: المسألة لفظية لا حكمية، ولا يوجد مسلم بحمد الله يجرؤ على تكذيب نبيٍّ، ولم يقل بهذا واحد قط فإذا كانت المسألة لفظية فما الذي حمل الفخر الرازي على ردِّ الحديث بمثل هذه الشقاشق؟.

* الوجه الرابع: ". . . أولى من صون طائفة من المجاهيل. .". والمجهول عند أهل الحديث، قسمان: أحدهما مجهول العين، وهو من لم يرو عنه إلا واحد.

والثاني: مجهول الحال وهو من لم يأت فيه توثيق معتبر، فإذا علمت ذلك، فقد روى هذا الحديث أبو هريرة ومحمد بن سيرين والأعرج وأبو الزناد وشعيب

<<  <  ج: ص:  >  >>