ابنَ لَهِيعَةَ بدافعِ النَّزعَةِ العَصَبِيَّةِ؛ لأنَّ كِلَيهِمَا مِصرِيُّ. وحَاشَا أبا الأَشبَالِ أن يَكُونَ هذا دافِعُه، ولكنَّ الغُماريَّ يَلمِزُ أبا الأَشبَالِ للاختلاف في المَنهَجِ، فهذا سَلَفِيٌّ أَثَرِيٌّ، والغُماريُّ خَلَفِيٌّ صُوفِيٌّ غَارِقٌ في البِدَعِ. هذه واحدةٌ.
* والثَّانية: أنَّ الغُماريَّ يقُولُ: ولو سَلَّمنَا أنَّ ابنَ لَهِيعَةَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ لكان هذا
الطَرِيقُ على شرط الصَّحِيح! وشَرطُ الصَّحيحِ يُطلِقُه العُلماء على الصَّحِيحَينِ أو أحدِهِمَا.
* ولم يحتجَّ البُخارِيُّ بابن لَهِيعَةَ، إنَّما قَرَنَهُ بِغَيرِهِ، دُون أن يُسَمِّيَهُ، وقد فَعَل هذا قليلًا جِدًّا.
* فمن ذلك، ما أَخرَجَه في كتاب التَّفسير (٨/ ٢٦٢) , عند تَفسِير قولِهِ تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}[النساء:٩٧]، وفي كتاب الفِتَن (١٣/ ٣٧)، قال: حدَّثَنا عبد الله بنُ يَزِيدَ المُقرِئُ، حدَّثَنا حَيْوَةُ، وغيرُه، قالا: ثنا مُحمَّدُ ابنُ عبد الرَّحمن أبو الأَسوَدِ. . . وساق إسنادهُ. قال الحافظُ: قولُهُ: وغيره هو ابنُ لَهيعَةَ. أخرَجَهُ الطَّبَرَانيُّ. اهـ. قلتُ: أخرَجَهُ في الأوسط (٨٦٣٨) عن عبد الله ابنِ صالحٍ، قال: حدَّثَنِي اللَّيثُ، عن أبي الأَسود، بهذا. وقال: لم يَروِهِ عن أبي الأَسوَد إلا اللَّيثُ، وابن لَهِيعَةَ كذا قال! وتعقَّبتُهُ في تنبيه الهَاجِد (٢٨٩).
* ومِن ذلك، ما أخرَجَهُ في كتاب الاعتصام (١٣/ ٢٨٢) قال: حدَّثَنا سعيد بن تَلِيدٍ، حدَّثَني ابنُ وهبٍ، حدَّثَني عبد الرَّحمن بن شُرَيحٍ، وغيرُه، عن أبي الأسود. . . وساق إسنادهُ لحديث: إنَّ اللهَ لا يَنزِعُ العِلمَ. . . . قال الحافظُ: قولُهُ: وغيره هو ابنُ لَهِيعَةَ؛ أَبهَمَهُ البُخارِيُّ لضَغفِه، وجَعَل الاعتمادَ على رواية عبد الرَّحمن. انتهَى.
* أمَّا مُسلِمٌ، فإنَّهُ لَم يَروِ لابن لَهِيعَةَ في صحِيحِه شيئًا، فيما أَعلَمُ غيرَ