للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قلتُ: فيُلاحظ من هذه الأسانيد أنَّ القصة ثابتةٌ على جعفر والأحاديث المرفوعة تثبتُ بمثل هذه الأسانيد. وقد أجاب عنها العلماء بجوابين:

الأول: قول الذهبيّ في "السير" (٨/ ١٩٨): "هذا غير صحيحٍ عنه"! فهذا من الذهبيّ فيه نظر، ولعله اتكأ على سند ابن حبان المتقدم فقط! وقد ذكرتُ أسانيد أخرى صحيحة!.

الثاني: قال ابن عديّ: سمعتُ الساجي يقول: وأما الحكاية التي رويت عنه، إنما عني به جارين كانا له، وقد تأذَّى بهما، يُسمي أحدهما أبا بكر والآخر عُمر فسئل عنهما، فقال: السبُّ لا، ولكن بُغضًا يا لك!، ولم يَعْنِ به الشيخين، أو كما قال. اهـ.

* قلتُ: لم تطمئن نفسي لمثل هذا التأويل، والحكاية لطرافتها تبدو غريبة، لأن جعفرًا كان معروفًا بالتشيع، فإذا سأله سائلٌ عن رأيه في أبي بكر وعمر، فلا ينصرف الذِّهنُ إلا إلى الشيخين، وهذا بدهيّ لا يحتاج إلى شرح!

* وقد علّق الذهبيّ على هذه الحكاية فقال في "الميزان": قلتُ: ما هذا ببعيد، فإن جعفرًا قد روى أحاديث في مناقب الشيخين رضي الله عنهما، وهو صدوقٌ في نفسه وينفرد بأحاديث عُدَّتْ مما يُنْكر. اهـ.

* ويمكن أن يقال: لعلَّ هذا السبِّ كان في مبدأ أمره ثمَّ أقلع عن ذلك وأراد أن يبرهن على صدق إقلاعه هذا فروى أحاديث كانت عنده في فضائل الشيخين أبي بكرِ وعمر رضي الله عنهما.

* أضف إلى ذلك أنه لم يكن داعيةً إلى مذهبه. قال ابن حبان: وكان جعفر من الثقات في الروايات، غير أنه كان ينتحلُ الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعيةٍ إلى مذهبه. وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلافٌ أنَّ الصدوق المتقن

<<  <  ج: ص:  >  >>