الحافظَ ابنَ حَجَرٍ جَمَعَ هذه الأحاديثَ في كتابٍ سمَّاه -على ما أَذكُر- "المِنحَة فيما علَّقَ الشَّافِعِيُّ فيه الحُكمَ على الصِّحَّة"، ولم أَرَهُ ولا أظُنُّهُ طُبعَ، وحَفَّزَنِي هذا إلى النَّظَر في كتاب "الأُمِّ" للشَّافِعِيِّ، واستَخرَجتُ منه عِدَّة مواضعَ ممَّا علَّق الشَّافِعِيُّ القولَ به على ثُبُوت الحديثِ، وسأَذكُرُه آنفًا إن شاء اللهُ تعالى. . . .
* أمَّا المواضِعُ التي صرَّحَ الشَّافعِيُّ فيها بتعليق القَولِ بالحديث إلا أن يَثبُتَ، فإني لم أتحَرَّ جميعَ المواضع من كُتُبِه، بل ذكرتُ ما وقفتُ عليه أثناءَ نَظَرِي في كتابه. فمن ذلك:
١ - قَال الشَّافِعيُّ في "الأُمِّ" في "كتاب الطَّهَارة"(٢/ ٩٢ - ٩٣ - طبع دار الوفاء): "ولا يَعدُو بالجَبَائِر مَوضِعَ الكَسرِ إذا كان لا يُزيِلُها. وقد رُوِي حديثٌ عن عليٌّ أنَّهُ أنكَسَر إحدى زِندَيْ يَدَيهِ، فَأَمَرَهُ النبيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يَمسَح بالماء على الجَبَائِر. ولو عَرَفتُ إسنادُهُ بالصِّحَّة قُلتُ به".
٢ - وقال في "كتاب الصِّيام"(٣/ ٢٤٠ - ٢٤٢): "وقد رُوِي عن النبيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّهُ قالَ: "أَفطَرَ الحَاجِمُ والمَحجُومُ"، ررُويَ عنهُ: أنَّهُ احتَجَمَ صائمًا. ولا أعلَمُ واحدًا منهما ثابتًا. ولو ثَبتَ واحدٌ منهُما عن النبيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلتُ به؛ فكانت الحُجَّةُ في قَولِهِ".
٣ - وقَالَ الشَّافعيُّ مُوضِّحًا هذا الكلامَ في "كتاب اختلاف الحديث"(ص ١٩٠ - ١٩٢): "أخبَرَنا عبد الوَهَّاب بنُ عبد المَجِيد، عن خالدٍ الحَذَّاءِ، عن أبي قِلابَةَ، عن أبي الأَشعَثِ الصَّنعَانِيِّ، عن شدَّادِ بن أوسٍ،- قال: كنتُ مع النبيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زمانَ الفَتحِ, فرأَى رجُلا يحتَجِمُ لثمانِ عشرَةَ خَلَت من رمضانَ، فقال -وهو آخذٌ بيدي-: "أَفطَر الحَاجِمُ والمحجُومُ".-وقال أيضًا:- أخبَرَنا سُفيانُ، عن يزيدَ بنِ أبى زِيادٍ، عن مِقسَمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احتَجَمَ مُحرِمًا صائمًا.-قال الشَّافعيُّ:- وسَمَاعُ ابنِ أَوسٍ عن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-