عامَ الفَتحِ، ولم يَكُن يومئذٍ مُحرِمًا, ولَم يَصحَبهُ مُحرِمًا قبل حجَّة الإِسلامِ. فذَكَرَ ابنُ عبَّاسٍ حِجامَةَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عام حَجَّة الإِسلامِ سنةَ عَشرٍ. وحديثُ:"أَفطَرَ الحاجِمُ والمَحجُومُ" في الفَتحِ سنةَ ثمانٍ، قبلَ حَجَّة الإِسلامِ بسَنَتَين. فإن كانا ثابتين، فحديثُ ابنِ عبَّاسٍ ناسخٌ، وحديثُ إفطارِ الحاجِمِ والمَحجُومِ منسُوخٌ، وإسنادُ الحَدِيثَينِ معًا مُشتَبِهٌ. وحديثُ ابنِ عبِّاسٍ أَمثَلُهُما إسنادًا".
٤ - وقال الشَّافعيُّ في كتاب "صلاة العيدين" (٢/ ٤٨٢): "أخبَرَنا إبراهيمُ بنُ مُحمَّدٍ، عن إسحاقَ بنِ عبد الله، عن عُمَر بنِ عبد العزيز، أنَّهُ كان لا يُجِيزُ في الفِطرِ إلا شاهِدَين.-قال الشَّافعيُّ- رحمةُ اللهِ عليهِ.:- فإنِ شَهِدَ شاهدانِ في يومِ ثلاثينَ أنَّ الهلالَ كان بالأمسِ، أفطَرَ النَّاسُ أيَّ ساعةٍ عُدِّلَ الشَّاهدان، فإن عُدِّلا قبل الزَّوالِ صلَّى الإمامُ بالنَّاس صلاةَ العيدِ، وإن لم يُعدَّلا حتَّى تزُولَ الشَّمسُ لم يَكُن عليهم أن يُصلُّوا يَومَهم بعد الزَّوال ولا الغَدِ؛ لأنَّه عملٌ في وقتٍ، فإذا جاوَزَ ذلكَ الوقتَ, لم يُعمَل في غيره.
* فإن قال قائلٌ: ولِمَ لا يكُونُ النَّهارُ وقتًا له؟ قيلَ- إن شاء اللهُ تعالى.: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سَنَّ صلاةَ العِيدِ بعدَ طُلوعِ الشَّمسِ، وسَنَّ مواقيتَ الصَّلاة، وكان فيما سَنَّ دلالةً على أنَّهُ إذا جاء وقتُ صَلاةٍ، مَضَى وقتُ التي قَبلَهَا، فلم يَجُز أن يكُونَ آخرُ وَقتِها إلا إلى وقت الظُّهرِ؛ لأنَّها صلاةٌ تُجمَع فيها. ولو ثَبتَ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ بالنَّاس من الغَدِ إلى عِيدِهِم، قلنا به. وقُلنا أيضًا: فإن لم يَخرُج بهم من الغَدِ خرَجَ بهم من بعد الغد، وقُلنَا: يُصلِّي في يَومِه بعد الزَّوال، إذا جَازَ أن يَزُولَ فيه، ثُمَّ يُصلِّي، جاز في هذه الأحوالِ كُلِّها. ولكنَّهُ لا يَثبُت عندنا. والله تعالى أعلَمُ".
٥ - وقال في كتابِ "الحَجِّ" (٣/ ٣٩٧): "أخبَرَنا سُفيانُ، عن هشامِ بنِ عُروَة، عن أبيه، قال: قالت لي عائشَةُ: هل تَستَثنِي إذا حَجَجتَ؟ فقلتُ لها: ماذا