* أما قول الطاعن:"مضطرب الحديث"، فكلمةٌ لم يقلها أحدٌ قطُّ من السالفين. فأيُّ قيمةٍ لجرح هذا المتأخر المجروح؟!!
* وأما قصة الأخرس، فالجواب عنها من وجهين: الأول: أن القصة تفرد بها سليمان بن داود الشاذكوني، وكان غير ثقة كما قال النسائيُّ. وتركه أبو حاتمٍ، بل كذَّبه صالح بن محمَّد. وقال البخاري فيه:"منكر الحديث". وقد نقل الذهبي في "الميزان"(١/ ٦،٢٠٢)، عن البخاريِّ قوله:"كل من قلتُ فيه:" منكر الحديث "فلا تحلُّ الرواية عنه". فهذا عنده جرح شديد بلا ريب. وإذ الأمر، فالحملُ علي الشاذكوني أولى، وأليق بالصنعة، من العمل على جرير. هذا إن كان لجرير فيه ذنب!!
الثاني: أن القصة تفيد تدليسًا, ولا تفيد اضطرابًا هذا إن صحَّتْ فكيف وقد تقدم ذكر العلة؟! فقد زعم الشاذكونيُّ أن جرير ذكر أولًا عن مغيرة، عن إبراهيم، في طلاق الأخرس. ثم ذكر ثانيًا: عن سفيان، عن مغيرة. ثم ذكر ثالثًا عن ابن المبارك، عن سفيان. ثم قال:"حدثنيه رجل خراساني عن ابن المبارك". فلو صحت القصة لما كان فيها إلا التدليس، بإسقاط ثلاثةٍ، ثم اثنين، ثم واحد. قال الحافظ:"إن صحت حكايته الشاذكوي، فجرير كان يدلسُ".
قلتُ: وقد عرفناك أنها لم تصح، وصنيع الحافظ يدلُّ على ذلك. فإنه لم يذكر شيئًا من ذلك في "التقريب"، "ولا في طبقات المدلسين"، فهو لم يورده فيه أصلًا. بل قال أبو خثيمة:"لم يكن جرير يدلس".
* أمَّا قول الطاعن:"سيء الحفظ"!! فهذا تخديش في الرخام!!، بل هذا القول -من هذِا المتأخر المجروح- يذهب أمام الحقيقة العلمية:"كضرطة عيرٍ في فلاة"!! فإنَّ جريرًا -كما هو معلوم- كان لا يحدث من حفظه إلا نادرًا،