للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم صلة المرأة التي تزوجت بغير إذن وليها]

السؤال

شخص له أخت تزوجت رغماً عنه، وذلك مع كونه الولي، فهل يقاطعها لقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ} [المجادلة:٢٢] ؟

الجواب

الأخت التي تزوجت رغماً عن أخيها هل يقال: إنها حادت الله ورسوله حتى ننزل عليها الآية؟ وما معنى حاد الله ورسوله؟ حاد الله ورسوله، أو شاق الله ورسوله بمعنى واحد، فحاد الله ورسوله: كأن يكون في جهة، وشرع الله وسنة رسول الله في جهة أخرى، وهذا عن عمد وقصد، وكذلك من شاق الله ورسوله يكون في جهة وشرع الله وسنة رسول الله في جهة أخرى، وهذا عن عمد وقصد.

لكن هذه الفتاة التي تزوجت بغير إذن أخيها، وتزوجت في المحكمة ومعها أمها أو أخوالها أو غير ذلك، فهي مخطئة لا شك في ذلك؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (لا نكاح إلا بولي) ويقول: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) .

لكن أما وقد تزوجت عند مأذون ودخل بها زوجها وحملت منه وانتهى أمرها، فهذه لا يقام عليها حد الزنا؛ لأنها دخلت في شبهة وهي شبهة الزواج بغير إذن الأخ، لكن زوجها المأذون؛ فيرتفع عنها حكم الزنا؛ لأن النكاح نكاح شبهة، وإن كان في أصله باطل، لكن أما وقد انتهت الأمور، فما بقيت إلا الأرحام التي توصل؛ لأنه لا يشترط في صلة الرحم أن تكون الرحم صالحة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنما أوليائي المتقون، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها) ، أي: أصلها بصلتها.

ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [لقمان:١٥] مع المجاهدة منهم لك وإنما: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان:١٥] .

ففي مثل هذه الحالة انتهى الأمر، ولو كان الأمر في بدايته لقلنا لك: قاطعها واشتد عليها، بل واضربها إذا أرادت أن تتزوج بغير إذن ولي، مادام الأمر محتملاً ومطاقاً، لكن الأمر قد تم ودخلت بزوجها وانتهت الأمور، فما بقيت إلا صلة الأرحام، والله المستعان.