قوله تعالى:(إِنَّا أَنزَلْنَا) استُدِلَّ بهذه الآية على مسألة العلو.
أي: أن الله سبحانه وتعالى في السماء مستوٍ على عرشه، أما وجه الاستدلال: فالقرآن منزل من عند الله، والنزول يكون من أعلى إلى أسفل، وقد تواردت الأدلة على ذلك، حتى ذكر بعض أهل العلم أنها تقارب ألف دليل من الكتاب والسنة، ومقتضيات العقل والآثار عن السلف كلها تثبت علو الله سبحانه وتعالى وأنه في السماء.
من ذلك: قول الله تبارك وتعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}[الملك:١٦] ، وقال تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] ، وقال تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر:١٠] ، وقال تعالى:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل:٥٠] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ثم عرج بي إلى السماء السابعة) ، وعندها فرضت الصلوات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عليه الصلاة والسلام:(ينزل الله سبحانه وتعالى في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داع فأجيبه؟) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية:(أين الله؟ قالت: في السماء، فقال لسيدها: أعتقها فإنها مؤمنة) ، إلى غير ذلك من الأدلة.
قوله تعالى:(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ) أي: يا محمد.
(الْكِتَابَ) هو القرآن.
وقوله تعالى:(بِالْحَقِّ) اختلف فيه أهل العلم: فمن العلماء من يقول: إن قوله تعالى: (بالحق) أي: مشتملاً على الحق، فهذا الكتاب مشتمل على الحق، فكل ما فيه حق.
ومن أهل العلم من قال:(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) أي: أن هذا الكتاب حقٌ أنه نزل من عند الله، لم تتلبس به الشياطين، ولم تخلط فيه الشياطين شيئاً.