[تفسير قوله تعالى:(في جنة عالية، لا تسمع فيها لاغية)]
قوله تعالى:{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ}[الغاشية:١٠] يستفاد من هذه الآية ضمناً وليس صريحاً: أن الجنة في السماء، أما الدليل على ذلك من السنة: حديث المعراج؛ أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما تجاوز السماء السابعة وصل إلى سدرة المنتهى، ورب العزة يقول:{عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}[النجم:١٤-١٥] ، {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} من العلماء من يقول: عالية القدر، لكن هي عالية القدر، وعالية المكان كذلك.
{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} هل يستفاد من علو الجنة زيادةٌ في النعيم؟ من العلماء من قال أو أومأ إلى ذلك، وذلك لأن السقف إذا كان منخفضاً يتضايق السكان الذين فيه، فإذا كان مرتفعاً ينفس على من بداخله، وهذا واضح، فمن العلماء من قال: يستفاد من علو الجنة -أي: علو سقفها، وفوقها عرش الرحمن- يستفاد منها زيادة النعيم، قوله:{لا تَسْمَعُ فِيهَا}[الغاشية:١١] أي: لا تسمع في الجنة {لاغِيَةً}[الغاشية:١١] ، منهم من قال: لا تسمع في الجنة نفساً لاغية، كما قال سبحانه:{لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا}[الواقعة:٢٥-٢٦] حتى إن شرب الخمور، لا يسكرهم ولا يذهب بعقولهم، ويحملهم على السباب والشتائم، كما قال تعالى:{لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ}[الطور:٢٣] أي: من جراء شرب الكئوس {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا}[الطور:٢٣-٢٤] فليس في الجنة يا ابن كذا، ولا يا ابن كذا، ولا سخرية من بعضهم البعض، ولا أي شيء قبيح يضايق، ولا كلمات جارحة، ولا سباب، ولا أفعال، ولا غمز، ولا لمز، ولا همز، ولا عيب، ولا غير ذلك من الشتائم.