قال الله سبحانه:{لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}[قريش:١-٢] ، (إِيلافِهِمْ) أي: تعودهم، كانت رحلة إلى اليمن شتاءً ورحلة إلى الشام صيفاً، لبرد الشام الشديد.
وفي قوله:(رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) في معرض الامتنان، يدخل ضمناً الحث على الأسفار لطلب الرزق، لأن الله امتن عليهم أنه عوّدهم على رحلة الشتاء وعلى رحلة الصيف، فلما امتن الله عليهم بهذا الامتنان أفاد أن هذا عمل محمود، والأسفار لكسب الأرزاق عمل مشروع في كتاب الله، قال الله سبحانه:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[المزمل:٢٠] .
وقال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى}[آل عمران:١٥٦] ، فقوله:(ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ) يفيد جواز السعي للتجارة، وقال تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء:١٠١] ، فالضرب في الأرض والسفر للبحث عن الرزق سبيل مسلوك سلكه من كان قبلنا، وأقره شرعنا، ما دام التماس الرزق من الحلال.