{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[النساء:٩] الخطاب في الآية للجلساء الذين يحضرون قسمة تركة الميت، يأتي الجليس يقول: لا نعطي اليتامى والمساكين شيئاً، وأصحاب الحق أولى بالحق.
فرب العزة يقول:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[النساء:٩] فيا من قلت هذا القول قد يأتي يوم من الأيام ويكون ابنك فيه يتيماً ويحتاج إلى الصدقة، فتحتاج أنت أيضاً إلى شخص يعطف على ابنك ويحنو عليه ويقول للناس: اتركوا له شيئاً من الصدقة.
وفي الآية إشعار أن جزاء الإحسان الإحسان وهذا واضح {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ}[النساء:٩] فإن ما تصنعه مع أولاد الناس يصنعه الناس مع أولادك، وإن لم تكن صريحة في المعنى لكنها تدل عليه بقوة.
ولذلك قلنا: عليك أن تحرص على المرأة الصالحة من البيت الصالح، وذلك لأن الله قال:{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}[الكهف:٨٢] فالصلاح من الوالد وكان سبباً في حفظ الجدار أو في حفظ الكنز، فهنا يذكر الله سبحانه وتعالى عباده بأن يقولوا كلمة طيبة {فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ}[النساء:٩] في كلامهم {وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[النساء:٩] .
ومن المعلوم أن القول السديد سبب في صلاح عملك، والقول المعوج سبب في فساد عملك، يقول الله سبحانه:{اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[الأحزاب:٧٠-٧١] القول السديد سبب في صلاح العمل، والقول الأعوج الذي تريد به أحياناً وجه الناس وأحياناً تريد به مصلحتك، كل ذلك سبب في فساد عملك.
{فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[النساء:٩] أي: ما تحب أن يصنع مع أبنائك فاصنعه مع هؤلاء الأيتام.
وقد يأتي رجل محتضر فيأتي شخص يقول له: أوص بمالك كله في سبيل الله، والأولاد يتولاهم الله، فهذا من الجور في النصيحة، وآخر يعكس المسألة فيقول: اترك أموالك كلها لأولادك ولا تنفق شيئاً في سبيل الله، فهذا أيضاً من الجور في النصيحة، والقول السديد: هو الوسط الحق العدل.