للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة النجوى وتفسيرها]

قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} [المجادلة:٧] ، النجوى: هي التناجي وهي الحديث في السر، وقد سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن النجوى فذكر: أن أقرب ما تفسر به النجوى هو ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (يدني الله سبحانه وتعالى المؤمن يوم القيامة -أي: يقرب الله المؤمن منه يوم القيامة-، ويضع عليه كنفه ويستره عن الناس، ثم يقرره بذنوبه: عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا، فيقول: نعم يا رب! عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا، فيقول: نعم يا رب! فيقول الله سبحانه: أنا سترتها لك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم) ، وأما الكفار والمنافقون فكما قال الله: {وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:١٨] .

فالتناجي هو الحديث في السر، وأغلب ما يتناجى به الناس فيه إثم وعدوان، قال الله سبحانه: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} [النساء:١١٤] ، أكثر الأحاديث التي يتناجى بها الناس لا خير فيها، {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:١١٤] .

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:٧] أي: معية علم وإحاطة أيضاً.

{ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [المجادلة:٧] أي: ثم يخبرهم بما صنعوا وما تحدثوا يوم القيامة، {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة:٧] .