قال تعالى:{فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}[النساء:٦٢] الباء سببية، فكيف إذا حلّت بهؤلاء المنافقين الذين يصدون عن كتاب الله وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبة؟ (بما) أي: بالذي، أي: بسبب الذي قدمته أيديهم، من صد عن كتاب الله وصد عن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام.
في الآية أن المعاصي سبب لنزول النقم من الله سبحانه وتعالى، فالمصائب تأتي بسبب الصد عن سبيل الله {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} ، فالمصيبة نزلت عليهم لما اقترفوه من صد عن كتاب الله وصد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على هذا؛ فالحال التي نحن فيها ونعيشها مؤذنة بنزول المصائب علينا لولا رحمة الله سبحانه وتعالى بنا.
فالصد عن سبيل الله سببٌ لنزول المصائب من الله تعالى كما أثبتته الآية الكريمة {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} أي كيف يكون حالهم إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم؟ {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} ما أردنا بإبعادنا الناس عن الكتاب والسنة إلا الإحسان والتوفيق، وهذا شأن أهل الإجرام والفساد، يصرفون الناس عن كتاب الله وعن سنة نبيه محمد ويقسمون أنهم من المصلحين! (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا) أي: ما أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً، ونحو ذلك قاله فرعون لقومه:{مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر:٢٩] ، فهؤلاء أهل النفاق كذلك يقولون:{إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} .