{إِنَّ شَانِئَكَ}[الكوثر:٣] أي: مبغضك، والشانئ هو المبغض، والشنآن هو البغض:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا}[المائدة:٨] .
فالشانئ هو المبغض، أي: إن مبغضك يا محمد وكارهك {هُوَ الأَبْتَرُ}[الكوثر:٣] وذلك أنهم كانوا يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: اتركوه فهو رجل أبتر، أي: منقطع الذكر ليس له ولد يحمل اسمه بعد موته، فإذا مات انقطع ذكره، فليس له إلا بنات والبنت ذريتها لا تكون باسمها، فيقول الكفار لبعضهم: اصبروا عليه فإنه إذا مات انقطع ذكره، فكان قائلهم يقول هذه المقالة فقال الله تعالى:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}[الكوثر:٣] رداً على الذي يصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أبتر.
والأبتر هو المنقطع، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:(اقتلوا ذا الطفيتين والأبتر؛ فإنهما يلتمسان البصر، ويستسقطان الحبل)(والأبتر) : الحية التي هي قصيرة الذيل، فهي تلتمس البصر: يعني: تنفخ سمها في العين فتصاب بالعمى، إذا رأت الرجل من بعيد نفخت سمها في عينيه فأصيب بالعمى، فالرسول أمر بقتلها وقتل ذا الطفيتين الذي على رأسه نقطتان من الحيات؛ لأنها نقاط ممتلئة سماً.
فالشاهد: أن الأبتر هو المقطوع.
وكذلك يقولون: الخطبة البتراء، وهي: الخطبة المقطوعة التي ليس فيها حمد ولا شهادة.
والأبتر: منقطع الذكر.
فالله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ شَانِئَكَ)) أي: مبغضك ((هُوَ الأَبْتَرُ)) يا محمد.