قال تعالى:(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) أي: امتثلوا أمره، واتبعوا شرعه، وما أرشدكم إليه فاعملوا به، وما أعطاكم فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا عنه، وما منعكم منه فلا تأخذوه، فالآية وإن كان ظاهرها في الفيء إلا أن معناها عام، وقد قال العلماء: العبرة بعموم الألفاظ وليس بخصوص أسباب النزول، وقد احتج ابن مسعود رضي الله عنه بعموم هذه الآية الكريمة على امرأة يقال لها: أم يعقوب، فقد روى ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله ... ) الحديث.
فجاءت المرأة فقالت: يا ابن مسعود! ما لك تلعن الناس؟! قال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله؟ قالت: في كتاب الله؟ والله! لقد قرأت ما بين الدفتين فما وجدت ذلك في كتاب الله! قال: إن كنتِ قرأتِه فقد وجدتهِ، ألم تقرئي قول الله تعالى:(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ؟ قالت بلى، قال: فهو ذاك، أو كما قال رضي الله تعالى عنه.
فالاستشهاد بعموم الكريمة رأي الجمهور، وقد قال عليه الصلاة والسلام:(يوشك رجلٌ متكئٌ على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله -أي: يعرض عن السنة، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله- فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله فهو مثل ما حرم الله) ، وقد قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:٣] ، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}[الأنفال:٢٠] ، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:٥٩] ، وقال سبحانه:{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[النور:٥٤] .