قال تعالى:((فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)) [النساء:٣٤] هل تقتص المرأة من الزوج إذا ضربها مثلاً بيده؟ لم يرد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتصت منه أزواجه في شأن الضرب عليه الصلاة والسلام، وقد ورد حديث ضعيف في سبب نزول الآية (أن سعد بن الربيع ضرب زوجته أو لطمها فجاءت تشتكي إلى رسول الله، فكأن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يجعلها تقاد منه -أي: تقتص منه- فنزلت الآية: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) [النساء:٣٤] ) ، ولكن سبب النزول هذا ضعيف، ويكفي في القول بأنها لا تقتص منه قوله تعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}[النساء:٣٤] ولم يرد أنها تضرب زوجها.
قال تعالى:{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ}[النساء:٣٤] إذا أطاعتك المرأة فيما لك عليها {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}[النساء:٣٤] أي: ليس لك طريق تصل إليها منه تضربها بسببه، أي: إن أطاعتك فيما يرضي الله فقد سدت عليك كل الطرق الموصلة إلى ضربها، فإذا بغيت عليها فالله عز وجل يقول:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}[النساء:٣٤] ، فجاء بصفة العلو هنا ليخبرك -أيها الظالم الذي تضرب زوجتك دون سبب- أن هناك من هو أقوى وأكبر منك وأقدر عليك منك على زوجتك، {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}[النساء:٣٤] ، فإن بغيتم عليهن سبيلاً فـ ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) ، يعني: إن ربك لك بالمرصاد أكبر منك وأعلى.
فلذلك لكل ختام الآيات مدلول في الآية نفسها، أي: تنزيل الآية بصفة العلو ووصف الله سبحانه وتعالى لذاته بأنه كبير؛ لفائدة تحمل معنى التهديد والترهيب لمن اعتدى على زوجته بغير سبب، يعني: لا تبغي عليها وتستذلها وتضربها بلا سبب فإنك إن فعلت فاعلم أن الله كان علياً كبيراً، وهو قادر على الانتقام منك، والبطش بك سبحانه وتعالى.