تفسير قوله تعالى:(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ.)
قال تعالى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}[النساء:١٢٩] : أي: لن تستطيعوا يا معشر الرجال! يا من تزوجتم بأكثر من زوجة! أن تعدلوا بين النساء (ولو حرصتم) ، أي: ولو اجتهدتم في هذا الباب، والله سبحانه وتعالى قال في الآية الأخرى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}[النساء:٣] فكيف يجمع بين الآيتين؟ قال في الأولى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا}[النساء:١٢٩] فجزم بأننا لن نعدل، وقال تعالى في الثانية:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}[النساء:٣] ؟! إذاً: ما دام مقرراً أننا لن نعدل، فلماذا نقبل على الزواج؟! فالإجابة على هذا هي: أن العدل له صورتان: الصورة الأولى: عدل في المبيت والحقوق الظاهرة، بأن تبيت هنا ليلة وتبيت هنا ليلة، تعطي هذه خمسة قروش وتعطي هذه خمسة قروش مثلها، تأتي لهذه بثوب وتأتي لهذه بثوب، فهذا العدل في الظاهر وهو مستطاع، لكن العدل في المحبة القلبية لا يستطاع؛ لأنك لا تملك قلبك.
الصورة الثانية: العدل في الجماع والمحبة القلبية، فهذا لا يستطاع؛ لأن هذا متوقف على ميلك القلبي، كأن تكون إحدى الزوجات جميلة والأخرى دميمة، فتقف على جملة أمور فلا تستطيع أن تملكها.