للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قل هو الذي أنشأكم)]

{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك:٢٣] من العلماء من يقول: إن السمع أفضل من البصر لتقديمه في هذه الآية، وإن قال قائل: لماذا أفرد السمع وجمع البصر في هذه الآية: (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ) ؟ من العلماء من قال: لأن السمع أفضل من البصر، والأفضل يفرد والمفضول يجمع، كما في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ} [الأحزاب:٥٠] فأفرد العم وجمعت العمات: {وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب:٥٠] فأفرد الخال وجمعت الخالات، وكما في قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة:٢٥٧] فأفرد النور وجمعت الظلمات، وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} [النحل:٤٨] أفرد اليمين وجمعت الشمائل، وهذا قول لبعض العلماء، ومن إخواننا الأطباء من يقول: يتصل بالأبصار وتران، بينما يتصل بالسمع وتر واحد، فإذا قطع الذي يصل إلى السمع صمت الأذنان معاً، أما إذا قطع الذي يصل إلى البصر فقد ترى بعين ولا ترى بالأخرى، والله أعلم.

(قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) أي: شكركم قليل.

{قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الملك:٢٤] .