[عاقبة مخالفة أمر النبي عليه الصلاة والسلام]
قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور:٦٣] كلمة عن هنا: هل هي زائدة أو لها معنى؟ من أهل العلم من قال: عن زائدة، والمعنى: فليحذر الذين يخالفون أمره، قالوا: ولغة العرب منها أحرف زائدة، والقرآن نزل بلسان عربي مبين.
ومن العلماء من قال: عن هنا بمعنى بعد، فليحذر الذين يخالفون بعد أمره، كما قال تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:٥٠] ، على أحد الأقوال في تأويلها: أي: بعد أمر الله له بالطاعة فسق.
ومنهم من قال: هنا محذوف مقدر، فالمعنى: فليحذر الذين يخالفون معرضين عن أمره، قال: فعن تضمنت الإعراض، ولكن حذف الإعراض، فليحذر الذين يخالفون معرضين عن أمره عليه الصلاة والسلام، هذه ثلاثة أقوال في الآية.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور:٦٣] الفتنة: الكفر، وقد تطلق الفتنة على أشياء أخر، تطلق الفتنة على: التعذيب بالنار، وتطلق الفتنة على الشرك {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات:١٦١-١٦٣] .
لئن فتنتني لهي بالأمس قد فتنت سعيداً فأصبح قد قلى كل مسلم وألقى مصابيح القراءة واشترى وصال الغواني بالكتاب المتيم فقوله: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} ، أي: صرف عن الدين، أو كفر وشك ونفاق في قلوبهم، وذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى إلى أن المراد بالفتنة هنا: الشرك، وفكر قليلاً كيف أن مخالفة أمر الرسول تجلب لهم الشرك؟! ففسرها على ما ورد عنه: أن المخالفة في الأمر الصغير تجلب مخالفة في الأكبر حتى يصل الأمر والعياذ بالله إلى الشرك.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} ، شك وريب وشرك في قلوبهم، وصرف لقلوبهم عن الحق إلى الباطل.
{أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣] وجع للأبدان مؤلم موجع، أو عذاب أليم في الآخرة.
{أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} [النور:٦٤] تضمنت التهديد.
{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا} [النور:٦٤] كما قال تعالى: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة:٦] ، وكما تعالى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [الكهف:٤٩] .
{فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور:٦٤] .
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.