للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أصناف الناس عند الموت]

قال تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الواقعة:٨٨] أي: أهل الدرجة العليا في الجنة هم المقربون الذين سلف ذكرهم في مطلع هذه السورة الكريمة في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة:١٠-١١] ، فالجزاء في قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة:٨٩] .

{وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة:٩٠-٩١] للعلماء فيها أقوال: أحدها: فسلام لك قادم من أصحاب اليمين، أي: أصحاب اليمين يرسلون إليك السلام، ويستقبلونك بالسلام، سلام لك واصل وقادم إليك من إخوانك أصحاب اليمين، فهم يقرئونك السلام، ويبلغونك إياه.

وقول آخر: (فسلام لك) أي: هنيئاً لك يا من دخلت في عداد أصحاب اليمين! وأمان لك يا من دخلت في عدادهم! وقال بعض أهل العلم: إن هذا السلام من الله سبحانه ومن الملائكة كذلك، فإن الله قال: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٣-٢٤] .

ثم قال تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ} [الواقعة:٩٢] أعاذنا الله وإياكم منهم {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} [الواقعة:٩٣] هذه الإكرامية التي يكرم بها (نزل من حميم) أي: ماء يغلي وقد بلغ أعلى درجات الغليان، {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} [الواقعة:٩٤] يشوى على الجحيم -والعياذ بالله- ويصلاها، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة:٩٥] قد سبق الكلام على حق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين بما حاصله: إذا ذكرت الكعبة، فكثير منا من رآها، ومنا من لم يرها، فالذي لم يرها يعلم يقيناً أن بمكة كعبة، فهذا علم يقين، لكن الذي رأها ارتقى في العلم من علم اليقين إلى عين اليقين؛ لأنه رآها بعينه، فإذا جاء ودخلها أو لمسها بيده صار عنده حق اليقين، فلذلك يسمع الناس أن هناك ناراً، فهذا لأهل الإيمان علم يقيني، فإذا رآها أصبحت عنده عين اليقين، فالذي دخلها في حقه تكون حق يقين، فالله سبحانه وتعالى قال عن كتابه وعبر عن هذا الكتاب بأعلى مراتب العلم فقال: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة:٩٥] .