للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة جهنم وما أعد فيها للكافرين]

ثم قال تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} [النبأ:٢١] ، ترصد أهلها، قال فريق من العلماء: إذا مروا عليها ترصدهم، ومن هذا أن ناساً يمرون على الصراط من أهل النار فجهنم تعرفهم، ليس كالكمين الذي على مداخل البلاد إذا مر شخص التقطه، فجهنم ترصد أهلها بدقة، وقد وصفها الله أنها ذات رصد.

{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} ، فمن العلماء من قال: ترصد أهلها إذا مروا عليها، فتأخذهم بكلابيب وحسك على الصراط كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن المرور على الصراط.

ومنهم من قال: {كَانَتْ مِرْصَادًا} ، أي: كانت مرتقبة، يعني: منتظرة أهلها الآن.

{لِلْطَّاغِينَ مَآبًا} [النبأ:٢٢] جهنم ترصد الطغاة، وتنتظر موتهم، وتنتظر بعثهم، {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} ، لمن؟ قال تعالى: {لِلْطَّاغِينَ مَآبًا} ، وهل هي للطاغين فقط أم يدخلها أيضاً طغاة من المسلمين الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ يقيناً أنه يدخلها أيضاً طغاة من المسلمين الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لحديث المفلس، ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران:١٣٠-١٣١] ، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال:١٥-١٦] ، والأحاديث في هذا الباب كثيرة متوافرة.

{لِلْطَّاغِينَ مَآبًا} (مآباً) معناها: مرجعاً.