هنا مسألة فقهية استنبطها العلماء من سبب نزول الآية ومن قصة النزول: وهي بم تنعقد الجمعة؟ قال بعض العلماء: إن الجمعة لا تنعقد إلا باثني عشر رجلاً؛ لأن الرسول ما ثبت معه إلا اثنا عشر رجلاً، وهذا القول في الحقيقة قول غير جيد؛ لأنه هب أنه لم يبق مع الرسول إلا ثلاثة، هل معنى ذلك أن الجمعة لا تنعقد إلا بالثلاثة أو أن الرسول كان يترك صلاة الجمعة؟ فهذا محل نظر.
نفس هذا النظر يرد في الأيام التي تقصر فيها الصلاة، فبعض العلماء يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم سافر تسعة عشر يوماً يقصر فيها الصلاة، فإذا سافرنا تسعة عشر يوماً قصرنا، وإذا زدنا أتممنا، فنفس الإجابة ترد عليه، وما أدراك أن الرسول كان إذا زاد سيتم؟ من الذي أعلمك أن الرسول لو كان زاد وسافر خمسين يوماً كان سيتم؟ فالتحديد بتسعة عشر يوماً في الأيام التي تقصر فيها الصلاة أو باثني عشر رجلاً لانعقاد الجمعة محل نظر؛ إذ هو ليس بنص عن رسول الله، وليس بصريح حتى عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والذي رآه كثير من أهل العلم أن الجمعة تنعقد بما تنعقد به الجماعة، والله سبحانه وتعالى أعلم.