قال سبحانه وتعالى:{ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}[النساء:١٥٣] : وهذه من جرائم بني إسرائيل، أنهم يطلبون رؤية الله عز وجل جهرة، ويعبدون العجل:{ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}[النساء:١٥٣] أي: من بعد ما أغرق الله عدوهم، واستخلفهم في الأرض، وأورثهم مشارق الأرض ومغاربها التي بارك الله فيها، وورثوا أموال الفراعنة، ومع ذلك كله مع أن نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام كان بينهم؛ لكنهم عبدوا العجل، وقال قائلهم:{هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ}[طه:٨٨] .
يقول لهم قائلهم السامري: إن موسى ذهب يكلم ربه ثم نسي مكان ربه، فها هو ربه قد جاءكم هاهنا وهو العجل، فعبدوه، وكادوا يقتلون هارون عندما نصحهم وذكرهم، قال هارون لموسى:{ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأعراف:١٥٠] .
فجرائم اليهود متوالية، ليس الآن فحسب، بل في زمن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، اتخذوا العجل إلهاً بعد مجاوزتهم للبحر كما قال تعالى:{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ}[الأعراف:١٣٨] فبمجرد ما جاوز بهم موسى عليه الصلاة والسلام البحر وأغرق الله عدوهم لكنهم كما قال الله: {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}[الأعراف:١٣٨] فطلبوا الشرك والكفر والعياذ بالله.