للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (أو مسكيناً ذا متربة)

قال الله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد:١٦] ما معنى (ذَا مَتْرَبَةٍ) ؟ أي: ألصقته المسكنة والفقر بالأرض، فأصبح لا يملك شيئاً إلا التراب، فـ (مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) يعني: هو مسكين لا يمتلك أي شيء إلا التراب، فالمسكين الذي ألصقه الفقر وألصقته المسكنة بالتراب، فأصبح لا مأوى له إلا التراب، وفيه دليل على أن الشخص عند الإنفاق يتحرى الأحوج كي يعطيه، فمثلاً يعمد قوم إلى زكوات أموالهم فيتصرفون فيها، وفي الحقيقة أن زكاة الأموال ليس من حقك أن تتصرف فيها كما تشاء، إنما هي كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج:٢٤-٢٥] ، فواحد مثلاً يأتي ويقول لك: يا شيخ! إن لي أختاً متزوجة، وحالتها غير متيسرة، فهل يجوز أن أعطيها الزكاة؟ فأنت قد تفتيه بالجواز؛ لأنها بحاجة لا تكفيها؛ ولأنها لا تلزمه نفقتها، فيجوز أن تكون مصرفاً للزكاة، وهي أولى، لكن ينبغي النظر إلى المستوى واليسر الذي يسأل عنه الشخص، فهو قد يقول: إنها لا تأكل في كل أسبوع لحماً، ويكون هناك أفقر منها لا يرى اللحم إلا في المواسم، بل يكون هناك من لا يرى اللحم حتى في المواسم، فيقدم الشخص الفقير في هذه الحالة على الأخت التي في بيتها تلفاز ولكنها لا تأكل لحماً إلا في كل شهر مرة، فهذه الآية الكريمة أشارت إلى هذا المعنى.