قال يوسف مذكراً:{يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ}[يوسف:١٠٠] ، التي هي:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}[يوسف:٤] .
فقد تتحقق الرؤيا بعد سنوات طوال، أربعين أو خمسين، أو ستين أو سبعين، أو أقل أو أكثر، ولا يلزم أن ترى رؤيا فتتحقق في الحال، وقد يتأخر تحققها، ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا كما قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}[الفتح:٢٧] ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بهذه الرؤيا، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمراً عام الحديبية هو وأصحابه، وكان فيهم أبو بكر وعمر وغيرهم من الصحابة، فصُد النبي عند الحديبية عن المسجد الحرام، ومُنع من دخول مكة، وصالح المشركين صلحاً على أن يرجع من العام القادم، فقام عمر فقال: يا رسول الله! ألم تكن تخبرنا أنا سنعتمر؟! ألم تكن تخبرنا أنّا نأتي البيت ونطوف به؟ فقال الرسول عليه الصلاة والسلام:(بلى أخبرتك، ولكن هل أخبرتك يا عمر أنك ستدخل الحرم هذا العام؟ قال: لا.
قال: فإنك ستدخله إن شاء الله) ، ثم ذهب عمر إلى أبي بكر أيضاً وقال له: يا أبا بكر! ألم يخبرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام أنا نأتي البيت ونطوف به؟ قال: يا ابن الخطاب! ولكن هل أخبرك النبي صلى الله عليه وسلم أنك ستدخل الحرم هذا العام؟ قال: لا.
قال: فإنك ستدخله إن شاء الله.
ودخلوه في العام المقبل.
فقد يتأخر تحقق الرؤيا سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات أو أربع، أو أكثر أو أقل.