الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الأعياد بسورة ق وسورة القمر.
يقول الله سبحانه وتعالى فيها:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر:١] ، قوله سبحانه:(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) كقوله سبحانه: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}[الأنبياء:١] ، وكقوله سبحانه وتعالى:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}[النحل:١] ، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم (بعثت أنا والساعة كهاتين) وقرن بين السبابة والوسطى.
أما قوله تعالى:(وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) فهذه من كبرى المعجزات التي أيد الله بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، ألا وهي معجزة انشقاق القمر، فقد سأل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فانشق القمر لرسول الله، فقال المشركون: سحرنا محمد صلى الله عليه وسلم! فقالت طائفة منهم: إن يكن محمد سحرنا فإنه لم يسحر السفار، فلما أتى السفار -أي المسافرون- إلى مكة سألهم أهل الشرك: هل رأيتم القمر منشقاً؟ قالوا: نعم رأيناه منشقاً، فلقة على هذا الجبل، وفلقة على هذا الجبل، فلقة في هذه الناحية، وفلقة في تلك الناحية، وحديث انشقاق القمر من الأحاديث المتواترة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روي انشقاق القمر من عدة طرق عن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقد أيد الله نبيه صلوات الله وسلامه عليه بطائفة من المعجزات كحنين الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونبع الماء من بين أصابعه عليه الصلاة والسلام، ومجيء الأشجار إليه صلى الله عليه وسلم، وبكاء الجمل عنده صلى الله عليه وسلم، وبالإسراء وبالمعراج، وبغير ذلك، وكانت المعجزة الكبرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي هذا القرآن الذي بين أيدينا، يدعو إلى كل خير، وينهى عن كل شر، ويخبر بأنباء ما قد مضى، وبأنباء ما هو آتٍ، فهو المعجزة الباقية لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حفظ الله به العقول والدماء والأبدان والأموال والأعراض، فكله خير، فلله الحمد والشكر على ذلك.