ثم يذكر الله سبحانه قوماً آخرين عتوا وطغوا وبغوا، وهم قبيلة ثمود، تلك القبيلة الظالمة العاتية، هي الأخرى قال سبحانه في شأنها:{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت:١٧] ، قال الله جل ذكره:(فَهَدَيْنَاهُمْ) ، أي: دللناهم على طريق الخير لكنهم استحبوا العمى على الهدى.
قال الله جل ذكره في كتابه الكريم:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ}[القمر:٢٣] ، وقد كذبوا بنذير واحد وهو صالح صلى الله عليه وسلم، وقد تقدمت الإجابة على هذا الإشكال: بأن الذي كذب بنذير واحد أو برسول واحد فقد كذب بجميع الرسل وبجميع النذر؛ لأن رسالتهم واحدة، وكما قال الله سبحانه وتعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:٢٥] ، فمن كذب واحداً منهم فقد كذب جميعهم، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم (الأنبياء إخوة لعلات؛ دينهم واحد، وأمهاتههم شتى) ، يعني: إخوة من الأب، فالأب المراد به هنا التوحيد الذي دعت إليه كل الرسل، فمن كذب واحداً منهم فقد كذب الجميع.