قال تعالى:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}[الرحمن:١٥] المارج قال فريق من أهل العلم: هو طرف اللهب، وهو أقوى شيء في النار، فالنار المجاورة للمصدر مباشرة هي الأضعف، وطرف اللهب هي الأقوى، فيقولون: إن المارج من نار هو طرف هذا اللهب أو طرف النار.
قوله سبحانه:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}[الرحمن:١٥] بهذه الآية وبقول إبليس: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ}[الأعراف:١٢] يقوى قول من قال: إن إبليس من الجن كما دل عليه الكتاب العزيز صراحة في قوله تعالى: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}[الكهف:٥٠] .
أما الإشكال الذي قد يرد ألا وهو: إن الله سبحانه وتعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم، فإبليس لم يكن على هذا الزعم موجهاً له الخطاب؛ لأنه ليس من الملائكة، فلماذا يُعَاْقَبُ وهو ليس من الملائكة والله يقول:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ}[البقرة:٣٤] ؟ الإجابة على هذا الإشكال: أن الله وجه إليه الأمر بالسجود كذلك مع الملائكة، فلما امتنع عوقب بامتناعه.
قال الله سبحانه وتعالى:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}[الرحمن:١٥] قد يأتي شخص ويقول: كيف يعذب الجان وهو مخلوق من نار؟ نقول: هذا من الممكن؛ فأنت يا من خلقت من طين قد تعذب بالطين وبالأحجار الطينية، وقد عذب قوم لوط بحجارة من سجين، أي: من طين منضود متحجر.