أفادت الآية الكريمة أن الله سبحانه لم يرسل نبياً من النساء، ولا نبياً من الملائكة، ولا نبياً من الجن كذلك، وامتناع نبي من الجن في قوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ}[الأنبياء:٨] ، فلم يأت رسول من الجن، ولم يأت رسول كذلك يدعو الناس مباشرة من الملائكة، إلا في بعض الحالات المستثناة كحديث الأقرع والأعمى، وأحاديث قليلة على هذا النمط، لكن كرسول ملك إلى الناس يدعوهم إلى طريق الله لم يكن هذا موجوداً من قبل، ولم يكن ثَم رسول من النساء ولا نبية من النساء.
وهذا رأي جمهور المفسرين.
أما الذي ورد بشأن الإيحاء إلى أم موسى في قوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}[القصص:٧] ، والوارد كذلك في شأن مريم عليها السلام:{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}[مريم:١٧] ، وكذلك الوارد في شأن سارة عليها السلام:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}[هود:٧١] ، فذلك كله باب فضل ليس بباب إثبات نبوة، والله تعالى أعلم، وقد ذكر الله سبحانه مريم في أعلى مقاماتها فقال تعالى:{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ}[المائدة:٧٥] ، فلم يقل الله عن مريم إلا أنها صديقة {انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المائدة:٧٥] .