[تفسير قوله تعالى:(وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله.]
قال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}[المنافقون:٥] : هذا حالهم، لا يبالون باستغفار رسول الله ولا غيره لهم، ومن أمثالهم: الجد بن قيس صاحب الجمل الأحمر، الذي ورد له ذكر في صلح الحديبية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شهد بيعة الرضوان فله الجنة -وفي بعض الروايات- إلا صاحب الجمل الأحمر) .
قال فريق من المفسرين: إن صاحب هذا الجمل الأحمر هو الجد بن قيس، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه ضل بعيره يوم الحديبية فذهب يبحث عنه، فقال له الناس: هذا رسول الله يبايع المسلمين تعال فبايع، وسل الرسول أن يستغفر لك، فقال: لا والله لأن أجد جملي أحب إليَّ من أن يستغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا هو صاحب الجمل الأحمر، وقد ورد فيه هذا الحديث.
والجد بن قيس هو الذي عزله الرسول عن السيادة، فقال لبني سلمة:(من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: يا رسول الله! الجد بن قيس على أنّا نبخله، قال: وأي داءٍ أدوى من البخل؟! بل سيدكم فلان) وسمى لهم سيداً آخر؛ بسبب بخل هذا الرجل.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}[المنافقون:٥] ، فحالهم أنهم يرفضون استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، والله يقول:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ}[المنافقون:٦] ، أي: يستوي في حقهم {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[المنافقون:٦] ، وهذه الآية كقوله تعالى:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:٨٠] .