[تفسير قوله تعالى:(وانشقت السماء فهي يومئذ واهية)]
{وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}[الحاقة:١٦] ، أي ضعيفة، فهي الآن محكمة محبوكة قوية، كما قال تعالى:{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}[الذاريات:٧] ، والشيء المحبوك: هو المشدود بعضه إلى بعض بقوة، كما تقول مثلاً في أمور الدنيا، لمن يخيط النعل: احبك الخياطة، أو احبك الثوب، فالحبك: الشدة، ومنه قول القائل للآخر: أنت (محبّكها) يعني: متشدد فيها، لا تريد أن تترك متنفساً ما.
أما يوم القيامة فالله سبحانه وتعالى يقول في شأن السماء:{وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} ، ضعيفة متفتتة.
قال تعالى:{وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا}[الحاقة:١٧] ، السماء تشققت وتساقطت، والملائكة الذين كانوا فوقها، أصبحوا على أرجائها، والأرجاء: هي القطع والنواحي، فالملائكة الذين كانوا فوقها، لما تشققت نزلوا ووقفوا على قطع السماء المتشققة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما صححه بعض أهل العلم:(أطتّ السماء وحق لها أن تئط، ما من موضع شبر إلا وعليه ملكٌ قائم أو راكع أو ساجد) ، أين يذهب هؤلاء الملائكة بعد أن تشقق السماء؟ يقفون على قطع السماء المتفرقة، (والملك) المراد بهم الملائكة، كما قال تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ}[الفجر:٢٢] ، أي: الملائكة، {صَفًّا صَفًّا}[الفجر:٢٢] ، دليل قوله تعالى:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ}[البقرة:٢١٠] ، فهي تفسير لقوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[الفجر:٢٢] ، أي: صفوفاً صفوفاً.