للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حرص أهل الكفر والفسوق على إضلال الصالحين]

قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:٢٧] أي: أهل الكفر وأهل الفسوق والعصيان يريدون لأهل الإيمان الزلل والميل إلى طريق الردى والهلاك، وهذا كما قال القائل: إن اللص إذا اكتشف أنه سارق وعلم الناس عنه أنه سارق تمنى أن يكون الناس كلهم لصوصاً، وأن الزانية إذا كشف زناها تمنت أن النساء كلهن زوانٍ؛ حتى يشتركن معها في المصيبة والعار، فيخفف هذا الاشتراك شيئاً عنها في الحياة الدنيا، فالذين يتبعون الشهوات يريدون لأهل الإيمان أن يميلوا ميلاً عظيماً.

ونحو ذلك في قوله تعالى: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عمران:١١٨] أي: أحبوا لكم العنت والهلاك ورغبوا لكم فيه، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:٨٩] {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} [البقرة:١٠٩] {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:٩] ، فكل هذه الآيات أفادت أن أهل الكفر يريدون لأهل الإيمان الزيغ والضلال والانحراف.

{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:٢٧] ، فلذلك هم يجتهدون في إغوائكم وإضلالكم بكل الطرق، كما قال سبحانه: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} لماذا؟ (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران:٧٢] لعلهم يرجعون عن دينهم، وقال تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون:٧] فهم بكل الطرق يبذلون ما في وسعهم حتى ينفض أهل الإسلام عن إسلامهم، والمثبت من ثبته الله سبحانه وتعالى، قال الله لنبيه: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء:٧٤] .