وهنا بحث أصولي عقائدي ذو أهمية، قوله تعالى:{وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}[المنافقون:١١] ، إذا كان الأجل لا يؤخر، فلماذا يدعو الرسول بطول العمر، ويقول في شأن أنس:(اللهم أطل عمره) ؟ ولماذا ندعو أيضاً بسعة الأرزاق، ونقول: يا رب ارزقنا وأنت خير الرازقين؟ والرزق مقدر لنا ونحن في بطون أمهاتنا، وعلى شاكلتها جملة من المسائل.
إذا كان الشفاء مقدراً في وقت بعينه، فلماذا أرفع يدي وأقول: يا رب اشفني؟ وإذا كان النجاح مقدراً، فلماذا أقول: يا رب نجحني في الامتحان؟ مسائل في الحقيقة أورد بعض المفسرين عندها إشكالات في غاية الطول، والمخرج منها اتباع الوارد عن رسول الله.
أما الإجابة على ما سبق فإجابة إجمالية ثم تفصيلية.
الإجابة الإجمالية: أولاً: أننا نعتقد اعتقاداً جازماً أن الآجال مقدرة وأن الأرزاق مقدرة، ومع هذا الاعتقاد نعمل كما أمرنا ربنا وكما أمرنا رسولنا، وليس لنا وراء ذلك شيء، وبهذا أرشد رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لما سأله سراقة بن مالك فقال:(يا رسول الله أرأيت العمل الذي نعمل، عمل جرت به المقادير، وجفت به الأقلام، وطويت عليه الصحف، أم عمل مستأنف؟ قال: بل عمل طويت عليه الصحف، وجفت به الأقلام، وجرت به المقادير، قال: ففيم العمل إذاً يا رسول الله؟ قال: اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له) .
فأهل الإسلام والذي سار عليه أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم هو اعتقاد أن الأمور مقدرة، والعمل كما أمرهم الله وكما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعون ما وراء ذلك الخوض في الفلسفات التي تأتي من وراء ذلك، والله أعلم.