يقول الله جل ذكره:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق:٢] الإشهاد في الطلاق والرجعة أوجبه كثير من العلماء لهذه الآية ... ) ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي: من الرجال المسلمين، فلا تجوز شهادة الكفار؛ لأن الله قال:{ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق:٢] ولا تجوز شهادة الفساق من المسلمين؛ لأن الله قال:{ذَوَي عَدْلٍ}[الطلاق:٢] وكذلك لا تجوز شهادة النساء؛ لما في هذه المسائل من الشبهات؛ ولأن الخطاب في قوله:{مِنْكُمْ}[الطلاق:٢] أي: من رجالكم؛ هذا على رأي جمهور العلماء.
قال تعالى:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق:٢] تحول الخطاب فقوله: {وَأَشْهِدُوا}[الطلاق:٢] خطاب للمطلق، وقوله:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق:٢] خطاب للشهود، فتحول الخطاب على ما بينَّاه آنفاً.
فقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق:٢] أي: يا أيها الشهود لا تشهدوا من أجل الزوج والزوجة، واجعلوا شهادتكم لله سبحانه وتعالى، {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[الطلاق:٢] وهذا أسلوب من أساليب التهييج والحث على امتثال أمر الله، يعني: إن كنت مؤمناً فافعل كما أمرك الله.
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[الطلاق:٢] أي: إذا طلقت الزوجة على السنة مرة واحدة في طهرٍ، فإنه قد يكون أمامك فسحة بأن تراجعها على السنة، أما أن تطلق وهي حائض فتضطر إلى أن تطلق مرة ثانية، وكذلك لا تطلق ثلاثاً في مجلس واحد، فتقع في مسائل فقهية شديدة، ولا تجد مخرجاً، فافعل ما علمك إياه الرسول عليه الصلاة والسلام.
إذا أراد شخص أن يطلق الزوجة وهي حائض وكان منفعلاً، فعليه أن يصبِّر نفسه إلى أن تطهر ثم يمتنع عن جماعها، فلعله إن صبر حتى تطهر ويمتنع عن جماعها يشتاق إليها مرة ثانية وينسى أن يطلقها، والتؤدة في كل شيء خير كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.