للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ.)

{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:١٠] فيه حث على الاكتساب، وعلى الضرب في الأرض للبحث عن الرزق وقد تقدم الكلام على ذلك.

وكان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يأكلون من عمل أيديهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (ما بعث الله من نبي إلا وقد رعى الغنم) كان داود صلى الله عليه وسلم حداداً يعمل سابغات ويقدر في السرد، وكان زكريا صلى الله عليه وسلم نجاراً كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان عيسى عليه الصلاة والسلام طبيباً بإذن الله يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، إلى غير ذلك من الأعمال، فكلهم كانوا يمتهنون، والسلف الصالح كانوا يعملون نظام الحمالة في الأسواق، فـ أبو مسعود عقبة بن عمرو البدري يقول: (لما نزلت آية الصدقة كنا نذهب إلى الأسواق نحامل على ظهورنا، فنأتي بالمال ونتصدق به) ، وكان سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى تاجراً يتاجر في الزيت، كلهم كان يمتهن مهنة ويأكل من عمل أيديهم من الحلال.

وكان بعضهم له أرض يكريها ويؤجرها كـ رافع بن خديج، وكانت لهم مهن متعددة، وليس في شيء من ذلك عيب، إنما العيب مد اليد للناس: (فاليد العليا خير من اليد السفلى) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، والعيب امتهان مهنة حرام، ككتابة الربا وأكل الربا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن آكل الربا، وكاتبه، وموكله، وشاهديه) ، لعن المصور صلى الله عليه وسلم، ونهى عن التجارة في أشياء بعينها كالتجارة بالأصنام، ونهى عن التجارة بالكلاب، وحرم ثمن الكلب، وثمن الدم صلى الله عليه وسلم.