الله يقسم بالطور، وكما تقدم فإن الله سبحانه وتعالى يقسم بعظيم مخلوقاته، فيقسم بالشمس، وبالقمر، وبالنجم، وبالسماء، وبالأرض، ويقسم في الجملة بعظيم المخلوقات، ولا تكاد ترى قسماً بالذباب ولا بالبعوض ولا بنحو ذلك، وإن كان الكل من خلق الله، لكن خلق الله سبحانه وتعالى يتفاوت في العظمة، كما قال سبحانه:{لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[غافر:٥٧] .
فالخلق يتفاوت، وكذلك القرآن وهو كتاب الله يتفاوت في الفضل، فسورة الفاتحة هي أعظم سورة في الكتاب العزيز، وآية الكرسي هي سيدة القرآن الكريم، فكل هذا الأمر فيه لله يتصرف فيه كيف يشاء سبحانه وتعالى.
والجبال المذكورة في كتاب الله منها الطور، كما في هذه الآية، ومنها الجودي، كما قال الله سبحانه وتعالى:{وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ}[هود:٤٤] ، ومن الجبال المذكورة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جبل أحد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أحد جبل يحبنا ونحبه) ، ومنها جبل يقال له: جمدان، مر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(سيروا هذا جمدان، سبق المفردون، قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) .
فالجبال تتفاوت فيما بينها في الفضل، كما أن سائر الخلائق بينها تفاوت في الفضل، وكما قدمنا أن الله سبحانه وتعالى فضل بعض البلاد على بعض، فأم القرى مكة ليست كالمنصورة مثلاً، وفضل بعض المساجد على بعض، فالمسجد الحرام يفوق غيره من المساجد في الفضل، وهذا {فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[المائدة:٥٤] .