قال الله جل ذكره في كتابه الكريم:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ}[الصف:٥] ، يخاطبهم بالرابطة التي تربطه بهم: يا ابن عمي، يا ابن أمي، وهذا من أسلوب الدعوة النافع، أنك تهيج صلات الربط بينك وبين الناس، تذهب لابن عمك: يا ابن عمي، فحينئذ يلين لك، وهذا المنطق والمنطلق استعمله الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال لقومه:{قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:٢٣] أي: القربى التي بيني وبينكم، راعوا هذه القربى، واعملوا لهذه القربى حساباً، لا أريد منكم أجراً، ولكن كفوا عني أذاكم فأنا قريب لكم، فهذه العاطفة تلين الخصم الذي أمامك، تلينه كي يرجع إلى طريق الله سبحانه وتعالى، فلتُستعمل في دعوتنا لأقاربنا وقد قال هارون لموسى:{يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي}[طه:٩٤] .
قال الله جل ذكره:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ}[الصف:٥] ، و (قد) : هنا ليست للتقليل ولا للتقريب ولكنها للتحقيق، أي: وأنتم تعلمون أني رسول الله إليكم، فهم كانوا يقرون برسالة موسى؛ إذ أنجاهم الله على يديه، وأغرق الله عدوهم أمام أعينهم على يد موسى صلى الله عليه وسلم، فشهادتهم له بالرسالة كائنة وثابتة.
((وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ)) يعني: هم لم يكونوا في شك من رسالة موسى صلى الله عليه وسلم.