للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين.]

{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ} [القلم:٣٥-٣٦] ! ما هذه العقول التي فكرت هذا التفكير السيئ؟! وهذا الظن السيئ بالله؟! هل ربك سبحانه ظالم حتى يجعل المسلم كالمجرم؟! هل المصلي الصائم الطائع لله كالفاجر الفاسق المفتري الكذاب؟! هل الذي يأكل أموال اليتامى ظلماً كالذي يمسح على رءوس الأيتام ويقتطع لهم من ماله ويعطيهم؟! هل يستوي هذا وذاك؟! هل يستوي المجاهد في سبيل الله مع المحارب لدين الله ولسنة رسول الله؟! أبداً لا يستويان مثلاً.

هل يستوي من قام من الليل يتهجد وتذرف عيناه دمعاً خوفاً من لقاء الله وخوفاً من ظلمات القبر كرجل سهر طول الليل أمام الراقصات والفاسدات والأغاني؟! {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:٣٥] ؟! {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة:١٨] ؟! {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:٢٨] ،؟! {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:٩] ؟! {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر:٨] هل يستوي هو ورجل قائم خائف وجل من الله سبحانه وتعالى؟!.

أصول الشرع كلها تنفي هذه المساواة، فلا تظن بالله ظناً سيئاً، فمن ظن أن الله يسوي بين المسلم والفاجر، ظن بالله ظن السوء، وظن أن الله حكم غير عدل، فالحكم في هذه الأمور -يا إخوان- ليست بالارتجال، فرجل قام آناء الليل حتى تورمت قدماه ليس كرجل جرى في ملعب طول النهار حتى تكسرت قدماه، هذا له شأن وهذا له شأن آخر.

من كظم غيظه وعفا عن الناس ليس كمن سبَّ الناس وآذاهم، وأطلق لنفسه العنان، أبداً لا يستويان، من كظم الغيظ وعفا عن المسلمين، ليس كمن انهال على المسلمين بالسباب والشتائم والضرب واللعن.

وهذه أصول لابد أن تفهم حتى لا تظن بالله ظن السوء وأنت لا تشعر.

قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:٣٥] أيعقل؟! (مَا لَكُمْ) ما الذي حدث للعقول، {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:٣٦] .