{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[المطففين:٢٩] أي: في الدنيا وهذا شيء مطرد، فأهل الإجرام دائمو السخرية من أهل الإيمان {كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ}[هود:٣٨] نوح صلى الله عليه وسلم سخر منه قومه، وابن آدم بمجرد أن تُقبل القربان من أخيه قال: لأقتلنك، ما له أي ذنب إلا أن القربان تقبل منه، ووصف الرسول بالسحر والجنون، وأوذي إبراهيم وموسى، وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فقال ورقة بن نوفل لرسول الله:(لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي) ، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا}[إبراهيم:١٣] ، وقال الله سبحانه أيضاً في سورة المؤمنون {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي}[المؤمنون:١١٠] يعني جلستم تسخرون من أهل الإيمان حتى أنستكم سخريتكم منهم كتابي وقرآني.
فالله يقول:{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ}[المطففين:٢٩-٣١] يرجع الكافر إلى زوجته يضحك معها ويسخر: السني عمل اليوم كذا، محمد بن عبد الله عمل كذا، وعلي بن أبي طالب وعمر.
يجلس يتفكه على رسول الله وعلى أصحاب رسول الله وعلى المؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم.
{وَإِذَا رَأَوْهُمْ}[المطففين:٣٢] قابلوهم في الطرق {قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:٣٢] يقول أحدهم: انظر إلى هذا المجنون الذي يقول لك: إن هناك بعثاً! انظر التارك مناصب الدنيا بما فيها ويقول لك: أنا تركتها لوجه الله ويسخر! (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون)(وإذا مروا بهم يتغامزون)(وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين)(وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون) .
فالله يقول:{وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}[المطففين:٣٣] يعني دعوهم وشأنهم؟ هل أنت بعثت على عبادي رقيباً؟ هل هناك أحد طلب منك أن تقول رأيك فيهم أصلاً؟ (وما أرسلوا عليهم حافظين) وما أرسلوا عليهم رقباء، يعني: أنت يا مجرم! ما أحد قال لك: راقب عبادي واحسب عليهم أعمالهم، فخلوهم في شأنهم، إذا كنت لا تريد أن تعتنق هذا الطريق اترك عبادي فما أرسلت عليهم حفيظاً (وما أرسلوا عليهم حافظين) .