من المعلوم أن عصاة الموحدين من أهل الكبائر لا يخلدون في النار، وهو مذهب أهل السنة لما ورد من أحاديث عن رسول الله في ذلك، وقد اختلفت مع أحد الفضلاء الذين قالوا بتكفير الديوث الذي يرضى بالفاحشة في أهله، وتخليده في النار، وقد استند إلى حديث:(لا يدخل الجنة ديوث) علماً بأن هذا الديوث يشهد شهادة الحق؟
الجواب
بالنسبة للديوث والزاني والقاتل والسارق والخمار كل هؤلاء داخلون في أهل الإسلام وفي عداد المسلمين، ومع اقترافهم الكبائر فأمرهم موكول إلى الله، إن شاء ربنا عذبهم وإن شاء غفر لهم.
أما الأدلة على ذلك، فمنها قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨] .
ومنها: قول عبادة بن الصامت الذي أخرجه البخاري ومسلم: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نقتل ولا نزني ولا نسرق ولا نأتي ببهتان بين أيدينا وأرجلنا) الحديث، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(فمن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) .
وأيضاً عند أهل السنة أنه لا يلزم حتى يغفر لك أن تستغفر، فقد يغفر الله لك مع قولك: أستغفر الله، وقد يغفر الله لك أيضاً بدون قولك: أستغفر الله، ومن الأدلة على ذلك قصة المرأة الإسرائيلية التي كانت تبغي وتزني، فانطلقت ذات يوم خارجة لزناها، فوجدت كلباً يلهث من العطش، فنزعت موقها فسقته فغفر الله لها، ولم يرد أنها قالت: أستغفر الله.
والديوث أو الزاني أو القاتل كل هؤلاء وغير هؤلاء من أصحاب الكبائر أمرهم موكول إلى الله، ولكن أيضاً فإن النصوص من الكتاب والسنة على أنهم وإن دخلوا النار وإن لم يستغفروا، فمآلهم إلى الخروج من النار، لحديث:(أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه من الخير ما يزن ذرة) ، وفي حديث:(أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله فيخرج قوم لم يعملوا خيراً قط) .
فالشواهد تدل على أن أصول أهل السنة والجماعة ثابتة لا تترنح ولا تتزحزح، وهي أن صاحب الكبيرة قد يغفر له ابتداءً حتى بدون كلمة: أستغفر الله، إن قدر ودخل النار فمآله إلى الخروج منها، هذا هو منهج أهل السنة والجماعة في هذا الباب، والله سبحانه وتعالى أعلم.