قال تعالى:{وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}[المعارج:٢٦] أي: يوقنون بأن البعث آت والساعة آتية لا ريب فيها.
{وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ}[المعارج:٢٧] أي: خائفون وجلون، {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ}[المعارج:٢٨] لا يأمنه أحد، فأهل الإيمان يخافون العذاب، وأهل الكفر يأمنون العذاب ولا يبالون به، أهل الإيمان يخافون:{يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون:٦٠] أي: يصلون ويصومون ويزكون ويحجون وهم مع ذلك خائفون.
أما أهل الكفر فلا يفعلون شيئاً من الخيرات، وهم في دنياهم أيضاً في مأمن، وأهل الإيمان يعملون الصالحات مع خشية لله ووجل منه سبحانه، قال تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}[الفرقان:٦٣-٦٤] ومع هذه البيتوتة لربهم سجداً وقياماً يقولون: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}[الفرقان:٦٥] ، وقال تعالى:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ}[الزمر:٩] .
قال سبحانه:{وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ}[المعارج:٢٧] هذا حال أهل الإيمان، وكلما عظم ذلك عندك فاعلم أنك على خير، أعني أن تعمل الصالحات ترجو الجنة وتخشى على نفسك العذاب أكثر وأكثر، فهذا دليل من أدلة الإيمان.
فهذا عمر مع ما له من فضائل، لكنه يقول في مرض الموت:(يا ليتني خرجت منها لا لي ولا عليّ) .
كذلك تقول عائشة:(يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً) ، مع أن براءتها نزلت من السماء.
وكذلك المقولات عن أبي بكر وغيره من أهل العلم وأهل الفضل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.