فالمعنى: نزه الله سبحانه وتعالى كل من في السماوات ومن في الأرض عن كل عيب وعن كل نقص، وعن الشريك، وعن الولد، وعن الصاحبة.
وهذا يفيد أن الجمادات أيضاً تسبح، وقد قال الله سبحانه وتعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}[الإسراء:٤٤] ، فدلت هذه الآية الكريمة على أن الجمادات تسبح، وقال تعالى في كتابه الكريم:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[الحشر:٢١] ، وقال سبحانه:{وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[البقرة:٧٤] ، وقال سبحانه:{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب:٧٢] .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليّ) ، ولما أراد صلى الله عليه وسلم أن يثبت لأعرابي نبوته قال له:(اذهب إلى هذه الفسيلة فادعها) ، فذهب إليها فدعاها فأتت تشق طريقها حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجعت، وثبت أن الجذع حنّ لما فارقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسُمع له صوت كصوت العشار إلى أن نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من فوق المنبر فاحتضنه، والأدلة في هذا كثيرة، وكلها تثبت أن للجمادات أنواعاً من الإدراكات، وأنواعاً من التسبيحات والسجود، ولا يعلم ذلك إلا الله تعالى، كما قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}[الإسراء:٤٤] ، وقال في شأن نبي الله داود عليه السلام:{يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}[سبأ:١٠] ، وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه:(كنا نسمع للطعام تسبيحاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يؤكل) ، والحديث ثابت صحيح.