هل هذه الآية الكريمة تصلح للاستدلال على كفر تارك الصلاة؟ البعض يوردها في أدلة تكفير تارك الصلاة، وهي ليست صريحة في ليست صريحة في كفر تارك الصلاة؛ لأن دخول الناس سقر بأربعة أشياء، فهل الواو تقتضي التشريك؟ هذا الأظهر لقولهم:{وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}[المدثر:٤٦] فهذا كفر اتفاقاً، فالذي يكذب بيوم الدين كافر اتفاقاً، لكن مثلاً الخوض مع الخائضين لا يُكفر فعله جملة؛ لأنه بحسب الخوض، فإن كان الخوض مع الخائضين في الشرك يكفر، أما إذا كان الخوض مع الخائضين فيما دون الشرك فلا يكفر فاعله، كذلك عدم إطعام المسكين في قولهم:{وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ}[المدثر:٤٤] ، هل عدم إطعام المسكين كفيل بالحكم على الشخص بالكفر بمفرده؟ لا، ليس كفيلاً بالحكم على الشخص بالكفر بمفرده، وقد قدمنا شيئاً في هذا مفاده أن دلالة الاقتران لا تفيد التساوي في الأحكام، فمثلاً قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الزكاة ويؤتوا الصلاة الحديث) فترك الشهادتين كفر بالاتفاق، ترك الصلاة كفر على خلاف إلا إذا كان جاحداً لها، وترك الزكاة الجمهور على أنه لا يكفر تارك الزكاة إذا لم يكن جاحداً لها، فاقترنت هذه الأشياء في سياق واحد، وكل له حكم مستقل، فكما أسلفنا أن دلالة الاقتران لا تفيد التساوي في الأحكام في كل الأوقات، فشهادة "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، تركها له حكم، وترك الصلاة له حكم، وترك الزكاة له حكم، فعلى ذلك يخدش في قول من قال: إن الخمر ليست نجسة نجاسة عينيه لاقترانها بالأنصاب والأزلام في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة:٩٠] فرجس معناها: نجس، قال بعضهم: لما اقترنت الخمر بالأنصاب والأزلام، والأنصاب ليست نجسة، فإذا لمستها لا تؤمر بغسل يديك، فلما اقترنت بها أصبحت النجاسة نجاسة معنوية، كذا قال، لكن هذا الاستدلال استدلال ضعيف؛ لأن الخمر مائع من المائعات ينتقل، أما الأنصاب جامد لا ينتقل، فلا يقاس المائع على الجامد، والله أعلم.