فدفع الأموال إلى اليتامى قيد بشرطين في الآية: الشرط الأول: إيناس الرشد منهم، أي: أن ترى فيهم عقلاً وحكمة ورشاداً في الإنفاق.
الشرط الثاني: أن يبلغوا الحلم، فلابد أن يبلغ اليتيم الحلم، ومع البلوغ يؤنس منه الرشد.
وهنا مسألة وهي: إذا بلغ اليتيم الحلم ولكنه ليس رشيداً، فهل يعطى المال أو لا يعطى؟ فريق من أهل العلم قال: لا يعطى المال؛ لأن الله قال:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء:٦] قالوا: فالمفهوم المخالف: أنا إذا لم نأنس منهم رشداً لا ندفع إليهم أموالهم.
وقال فريق آخر من أهل العلم: بل تدفع إليهم أموالهم وإن لم يؤنس منهم الرشد، وحجتهم أن الله قال:{لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء:٢٩] وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) .
واستدل الأولون بأمور: قالوا: إذا كان اليتيم قد بلغ الحلم وهو سكير عربيد فسيأخذ المال ويفسد به في الأرض، والله يقول:{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة:٢٠٥] .
أجاب أصحاب القول الثاني بقولهم: إن هذا حاصل في غير اليتيم كذلك، فهل يمنع غير اليتيم من أمواله ومن الميراث لفسقه؟ فمثلاً: إن وجد رجل فاسق مات أبوه، فهل نمنعه من الميراث لكونه فاسقاً؟