قال يوسف عليه السلام:{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي}[يوسف:١٠٠] ، رد الفضل إلى الله، فلم يقل: من بعد أن ظلمني إخوتي، بل جعل نفسه مع إخوته في مرتبة واحدة، حتى لا يجرحهم، وحمل الجريمة كلها للشيطان، فهو لها أهل وبها جدير ولها حقيق أن يتحملها، فهو الذي ينزغ بين العباد، ومن ثم قال تعالى:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[الإسراء:٥٣] .
{إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[يوسف:١٠٠] ، فهو رحيم بعباده، رءوف بهم، لطيف بهم، يعلم ما دق وما عظم عنهم، هكذا ربنا سبحانه حكيم في قضائه، حكيم في قدره، حكيم في شرعه، حكيم في تدبيره، يبتلي العباد حتى يرفعهم درجات، ويظهر المحسن من المسيء، يبتلى العباد لإكرامهم وتنقيتهم ورفعتهم، والحياة الدنيا كلها بما فيها من ابتلاءات في الآخرة قليلة، قال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام:(أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وقليل منهم من يجاوز ذلك) .