أما قوله تعالى:{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}[يوسف:١٠٤] ، فليس هذا الذكر خاصاً بصحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ بل للناس كافة، وليس للإنس فحسب؛ بل للإنس والجن كذلك، قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:١] ، وقال تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام:١٩] ، فالقرآن نذير لصحابة رسول الله ولمن بلغه بعد ذلك فمن أتى بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالقرآن تذكرة وموعظة للإنس والجن، سواء الذين كانوا في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام أو بعد زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فالقرآن عام، قال الله تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ}[الأعراف:١٥٨] .
قال الله سبحانه وتعالى:{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} ، و (العالمين) تأتي على معانٍ شأنها شأن كثير من اصطلاحات الكتاب العزيز حين تتعدد معانيها، فأحياناً تطلق (العالمين) على الرجال، أو تطلق على البشر:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:١٦٥] ، وأحياناً تطلق (العالمين) على الإنس والجن: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:١] ، وأحياناً تطلق (العالمين) على كل ما بين السماء والأرض، بل والسماء والأرض كذلك، قال فرعون لموسى:{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ}[الشعراء:٢٣-٢٤] .